للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمله، أو بعمل دون نية، فيقف عنده. واحتجوا أيضًا بأن قالوا: إنكم تقولون: من اعتقد الكفر بقلبه فهو كافر، وإن لم يلفظ به. وتقولون: إن العصر على المعاصي آثم معاقب بذلك.

وتقولون: إن من قذف محصنة في نفسه فهو آثم غير قاذف، ومن اعتقد عداوة مؤمن ظلمًا فهو آثم عاص لله، وإن لم يظهر ذلك بقول ولا عمل، وإن من أعجب بعلم أو راعى به فهو هالك.

قلت: أما اعتقاد الكفر فإن القرآن العظيم قضى بذلك قضاءً، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ} إلي قوله: {وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [المائدة: ٤١] فهذا خرج بالنص، وأيضًا فإن العفو عنه من حديث النفس إنما هو عن هذِه الأمة فضيلة لهم بنص الحديث. ومن أصر على الكفر فليس من أمته. وأما المصر على المعاصي فليس كما ظننتم، صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه" (١) فصح أن المصر على الإثم بإصراره هو الذي عمل السيئة ثم أصر عليها، وهذا جمع النية السوء والعمل السوء معًا.

أما من قذف محصنة في نفسه فقد نهاه الله عن الظن السوء، وهذا ظن سوء، فخرج عما عُفي عنه بالنص، ولا يحل أن يقاس عليه غيره، فخالف النص الثابت.

وأما من اعتقد عداوة مسلم فإن (لم يضر) (٢) بعمل ولا بكلام فإنما هي بغضة، والبغضة التي لا يقدر المسلم على صرفها عن نفسه لا يؤاخذ بها، فإن تعمد ذلك فهو عاص؛ لأنه مأمور بموالاة المسلم ومحبته، فتعدى ما أمره الله به، فلذلك أثم.


(١) رواه مسلم (١٣٠).
(٢) في (غ): (لم يضره).

<<  <  ج: ص:  >  >>