للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشعبي، وبه قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق (١) واحتجوا بأن هذِه المسألة مبنية لهم علي أصل، وهو أن صحة القذف تتعلق بصريح الزنا دون معناه، ألا ترى أن من قذف آخر فقال له: قد وُطِئت وطأً حرامًا، أو وُطِئت بلا شبهة لم يكن قاذفًا، فإن أتى بمعنى الزنا كان قاذفًا، فبان أن المعتبر في هذا الباب صريحُ اللفظ، وهذا المعنى لا يحصل من الأخرس ضرورة، فلم يكن قاذفًا ولا يميز بالإشارة الزنا من الوطء الحلال والشبهة، وأيضًا فإن إشارته لما تضمنت وجهين لم يجز إيجاب الحد بها كالكتابة والتعريض.

قالوا: واللعان عندنا شهادة، وشهادة الأخرس عندنا لا تقبل بالإجماع، ورد بالمنع؛ فهو باطل كسائر الألسنة ما عدا العربية فإنها كلها قائمة مقامها، ويصح بكل واحد منها القذف، فكذلك إشارة الأخرس.

وقولهم: إنه لا يميز بالإشارة الزنا من الوطء الحلال والشبهة باطل، إذا أقر بقتل عمد فإنه مقبول منه بالإشارة، وصورته غير صورة قتل الخطأ، وما حكوه من الإجماع في شهادته غلط.

وقد نص مالك أن شهادته مقبولة إذا فهمت إشارته (٢)، وإنما تقوم مقام اللفظ في الشهادة، وأما مع القدرة فلا تقع منه إلا باللفظ، وحكي أنهم يصححون لعان الأعمى، ولا يجيزون شهادته، فقد فرقوا بينهما، ولأن إشارته إذا فهمت قامت مقام النطق بما احتج به البخاري من الإشارة في الآية، فعرفوا بإشارتها ما يعرفون من نطقها


(١) انظر: "شرح ابن بطال" ٧/ ٤٥٨، "المغني" ١١/ ١٢٧.
(٢) انظر: "النوادر والزيادات" ٨/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>