للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبقوله تعالي: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران: ٤١] أي إيماء وإشارة، فلولا أنه يفهم منها ما يفهم من النطق لم يقل تعالى: ألا تُكَلِّم إلا رمزًا فجعل الرمز كلامًا.

وأيضًا فإنه - عليه السلام - كبر للصلاة وذكر أنه لم يغتسل، فأشار إليهم أن اثبتوا مكانكم، وكذلك أشار إلى الصديق في الصلاة، والأحاديث فيه أكثر من أن تحصر.

وصح أنه يعقل من الإشارة ما يعقل من النطق، وقد تكون الإشارة في كثير من أبواب الفقه أقوى من الكلام مثل قوله - عليه السلام -: "بعثت أنا والساعة كهاتين" (١) ومتى كان يبلغ البيان (إلى) (٢) ما بلغت إليه الإشارة، والإعراب بما بينهما بمقدار زيادة الوسطى على السبابة، والمراد أن ما بيني وبين الساعة من مستقبل الزمان بالقياس إلى ما مضى منه مقدار فضل الوسطى على السبابة. ولو كان أراد غير هذا لكان قيام الساعة مع بعثه في زمن واحد، وقيل: معناه أنه ليس بينه وبين الساعة أُمَّة غير أمته.

وفي إجماع العقول علي أن العيان أقوى من الخبر دليل أن الإشارة قد تكون في بعض المواضع أقوى من الكلام.

قال ابن المنذر: والمخالفون يلزمون الأخرس الطلاق والبيوع وسائر الأحكام فينبغي أن يكون القذف مثل ذلك.

واتفق مالك والكوفيون والشافعي أن الأخرس إذا كتب الطلاق بيده لزمه.


(١) تقدم برقم (٤٩٣٦).
(٢) من (غ).

<<  <  ج: ص:  >  >>