للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: ولو شاء الله لابتلاها بأكثر من ذلك، وكذلك {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤]. معناه عند مالك: إن أرتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر، فأما المسنة التي لا يجوز أن تحيض مثلها، والصغيرة التي لا يبقى ريب في أنه تحيض مثلها، فلا عدة عند مالك عليها في الطلاق، والمسند عند مالك وغيره بإجماع التي قد يئست من المحيض ولا ارتياب في أمرها أنها لا تحيض بعد ثلاثة أشهر، ولم يأت في القرآن العظيم النص على ذلك، ولكن فيه دليل عليه (١).

فأما الصغيرة التي لا يوطأ مثلها، فإن دخل بها زوجها ووطئها فكأنه إنما عقرها، ولا عدة عند مالك عليها؛ إلا أن يكون مثلها تستقيم أن توطأ، وإنما هي عنده في عداد من لم يدخل بها، والذي في القرآن يدل على أن الآيسة التي لا يرتاب فيها يجب أن تعتد ثلاثة أشهر. قوله: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: ٤] الآية، وقياس اللائي لا يحضن قياس اللائي لم يحضن، فلم يحتج إلى ذكر ذلك، وإذا كان عدة المرتاب فيها ثلاثة أشهر فالتي لا يرتاب فيها أولى بذلك.

ونقل ابن بطال أيضًا إجماع العلماء على أن عدة اليائسة من الحيض لكبر ثلاثة أشهر، وكذا الصغيرة (٢)، وإنما اختلفوا إذا ارتفع حيض المرأة الشابة التي يمكن مثلها أن تحيض، فروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين، ثم رفعتها حيضتها إنما تنتظر تسعة أشهر، فإن بان بها حمل، وإلا اعتدت بعد التسعة أشهر ثلاثة أشهر ثم حلت (٣).


(١) انظر: "النوادر والزيادات" ٥/ ٢٤.
(٢) ابن بطال ٧/ ٣٨٤.
(٣) رواه مالك في "الموطأ" ص (٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>