للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١] وأجمعوا أن الأمر إنما هو الرجعة ثم قال تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ} [الطلاق: ٦] الآية.

ثم قال: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: ١] يريد في العدة، فكانت المرأة إذا طلقها زوجها اثنتين للسنة ثم راجعها كما أمر الله ثم طلقها أخرى للسنة حرمت عليه ووجبت عليها العدة التي جعل الله لها فيها السكنى وأمرها فيها ألا تخرج، وأمر الزوج ألا يخرجها، ولم يفرق بين مطلقة ومطلقة، فلما جاءت فاطمة هذِه فروت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما السكنى والنفقة لمن كانت عليها الرجعة"، خالفت بذلك كتاب الله؛ لأن الله تعالى جعل السكنى لمن لا رجعة عليها، وخالفت السنة؛ لأن عمر - رضي الله عنه - خالف ما روت، فخرج المعنى الذي منه أنكر عمر عليها ما أنكر خروجًا صحيحًا، وبطل حديث فاطمة فلم يجب العمل به أصلاً؛ لما بينا.

وقال الكوفيون: إن السكنى تتبع النفقة فتجب بوجوبها وتسقط بسقوطها فقال لهم أصحاب مالك: السكنى التي في حالة الزوجية هي تبع النفقة من أجل التمكين من الاستمتاع، فلا يجوز أن تسقط إحداهما وتجب الأخرى، والسكنى بعد البينونة حق الله فلا تتبعها النفقة، ألا ترى أنهما لو اتفقا على سقوطها لم يجز أن تعتد في غير منزل الزوج الذي طلق فيه، وفي الزوجية يجوز أن ينقلها إلى حيث شاء، وبعد الطلاق ليس كذلك.

وقال من منعها وأخذوا بحديث فاطمة: إن عمر إنما أنكر عليها؛ لأنها خالفت عنده كتاب الله، يريد قوله: {أَسْكِنُوهُنَّ} وهذا إنما هو في الرجعية، وفاطمة كانت مبتوتة لا رجعة لزوجها عليها، وقد قالت أنه - عليه السلام - قال لها: "إنما النفقة والسكنى لمن كانت عليها الرجعة"

<<  <  ج: ص:  >  >>