للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا تقرر ذَلِكَ فالثريد أذكى الطعام وأكثره بركة، وهو طعام العرب، وقد شهد له الشارع بالفضل على سائر الطعام، وكفى بذلك تفضيلًا له وشرفًا له. وقد شهد الشارع بالكمال لمريم وآسية، وشهد لعائشة تفضلها على النساء، وهل تدخل (في ذَلِكَ) (١) مريم وآسية، ولا شك أن مريم مصطفاة بالنص، أي: مختارة ومطهرة من الكفر أو من الأدناس: الحيض والنفاس، واصطفاؤها على نساء العالمين دال على تفضيلها على جميع نساء الدنيا؛ لأن العالمين جمع عالم، وقد جعلها وابنها آية؛ كونها ولدت من (غير) (٢) فحل؛ وجاءها جبريل ولم يأت غيرها من النساء قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} الآية [مريم: ١٧]، واختار جماعة نبوتها: ابن وهب وأبو إسحاق الزجاج وأبو بكر بن اللباد -فقيه المغرب- وابن أبي زيد والقابسي، وعلى هذا فأول الحديث على العموم في مريم وآسية، وآخره على الخصوص في عائشة، ويكون المعنى: فضلهما على جميع نساء كل عالم، وفضل عائشة على نساء عالمها خاصة، وأباه طائفة أخرى وقالوا: تفضل عائشة على جميع النساء. ولم يقولوا بنبوة مريم ولا أحد من النساء.

وحملوا آخر الحديث على العموم، وأوله على الخصوص وقالوا: قوله تعالى: {يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ على نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: ٤٢] يعني: عالم زمانها، وهو قول الحسن وابن جريج (٣)، ويكون قوله: "فضل عائشة" على نساء الدنيا كلها. ومن حجتهم: قوله تعالى لهذِه الأمة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠]


(١) من (غ).
(٢) ساقطة من الأصل والمثبت من (غ).
(٣) انظر "تفسير الطبري" ٣/ ٢٦٣، "زاد المسير" ١/ ٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>