للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتج أصحاب الشافعي بأن المجوسي لو سمى الله لم ينتفع بتسميته؛ لأن المراعى دينه، وكذا المسلم إذا تركها عامدًا لا يضره؛ لأن المراعى دينه، وبهذا قال سعيد بن المسيب وعطاء وابن أبي ليلى، كما نقله ابن بطال، وكان الأبهري وابن الجهم يقولان: إن قول مالك أن من تعمد ترك التسمية لم تؤكل كراهة وتنزيهًا، ووافقهما ابن القصار.

واستدل ابن القصار على عدم وجوبها بقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] فأمر بأكل ذلك، ثم عطف على الأكل بقوله: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ} [المائدة: ٤] والهاء في {عَلَيْهِ} ضمير الأكل؛ لأنه أقرب مذكور، لا يقال (أن) (١) الهاء في {عَلَيْهِ} عائدة على الإرسال إذ لو كانت شرطًا لذكرت قبله ولم يذكرها بعده، ولما قال: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] وقال: [بعد] (٢) تقدم الأكل {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ}، لم يَخْل أن يريد بالتسمية على الإمساك الذي قد حصل، فإذا أمسك علينا حينئذٍ سمى، أو يريد التسمية على الأكل فبطل أن يريد بالتسمية بعد الإمساك علينا من غير أكل؛ لأنه ليس بقولٍ لأحد؛ لأن الناس على قولين: إما أن تكون التسمية قبل، أو عند الأكل، وإنما أمر الله تعالى بنسخ أمر الجاهلية التي كانت تذكر اسم طواغيتها على صيدها وذبائحها (٣).

وقد روى مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل: يا رسول الله: إن ناسًا من أهل البادية يأتوننا بلُحمان، لا ندري


(١) من (غ).
(٢) ليست بالأصل، ومثبتة من "شرح ابن بطال".
(٣) "شرح ابن بطال" ٥/ ٣٨٠ - ٣٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>