للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأوزاعي لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤]، ومن القياس: ذكاة يستباح بها الصيد، فلا يفسد بأكله منه أصله إذا ذبح (١).

وتعلق الأولون بقوله في الباب الآتي: "فإن أكل فلا تأكل، فإنه لم يمسك عليك إنما أمسك على نفسه" قال الأولون: هو عام، فيحمل على الذي أدركه ميتًا من الجري أو الصدمة يأكل منه، فإنه قد صار إلى صفة لا يتعلق بها الإرسال والإمساك علينا، فلذلك لم يكن ممسكًا عليه، يوضحه قوله: "مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْه، فَإِنَّ أَخْذَ الكَلْبِ ذَكَاةٌ". والحديث واحد.

ويحتمل أن يريد بقوله: "إِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ" ألا يؤخذ منه غير مجرد الأكل دون إرسال الصيد، ويكون قوله: "فإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ". مقطوعًا مما قبله.

ومعنى: إمساكه علينا -عند القاضي أبي الحسن- أن يمسك بإرسالنا؛ لأن الكلب لا نية له ولا يصح منه ميز هذا، وإنما يتقصد بالتعليم، فإذا كان الاعتبار بأن يمسك علينا وعلى نفسه، وكان الحكم مختلفًا بذلك وجب أن يتميز بذلك بنية من له نية وهو مُرْسِلهُ، فإذا أرسله فقد أمسك عليه، وإن لم يرسله فلم يمسكه عليه.

وقال ابن حبيب: معنى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}، أي: مما صدن لكم (٢).

وقال القاضي في "شرح الرسالة": في حديث عدي خلاف؛ لأن


(١) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٢٠١ - ٢٠٢، "بدائع الصنائع" ٥/ ٥٢، "مختصر المزني" بهامش "الأم" ٥/ ٢٠٥، "النوادر والزيادات" ٤/ ٣٤٣، "بداية المجتهد" ٢/ ٨٨٥، "الاستذكار" ١٥/ ٢٨٣ - ٢٨٨، "المغني" ١٣/ ٢٦٣.
(٢) "النوادر والزيادات" ٤/ ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>