وأما حديث تحريم الحُمُر في هذا الباب فهو بيِّن؛ لأنها قد ثبت تحريمها فهي كالميتة كما أسلفناه، وأباح - عليه السلام - استعمال القدور بعد غسلها، فكذلك آنيتهم يجوز استعمالها بعد غسلها، لأن ذبائحهم ميتة، وذكر ابن حبيب عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قيل له: إنا نغزو أرض الشرك وننزل بالمجوس وقد طبخوا في قدورهم الميتة والدم ولحم الخنزير فقال: ما كان من حديد أو نحاس فاغسلوه بالماء ثم اطبخوا فيه، وما كان من فخار فاغلوا فيها الماء ثم اغسلوها واطبخوا فيها فإن الله جعل الماء طهورًا.
وقد سلف الخلاف في ظروف الخمر هل تضمن إذا كسرت؟
فإن قلت: كيف قال: لا تأكلوا في آنيتهم وقد أباح الله لنا طعامهم.
قيل: المراد بذلك: ذبائحهم أو ما علم من عادتهم أنهم لم يمسوه بشيء من المحرم مثل النصارى، فإنهم يطبخون في قدورهم الخنزير، فإذا علم أن الطعام سالم من ذلك جاز أكله؛ لأن ذبيحتهم لنا حلال حتى نتيقن نجاسته، وما عمله المجوس حتى يتيقن حله، من جبن أو سمن أو زبد ونحوها، والمنصوص عليه في مذهب مالك نحو ذلك أن جبن المجوسي لا يؤكل (١).
فصل:
قال أبو علي النحوي: المجوس واليهود إنما عرف على حد يهودي ويهود، ومجوسي ومجوس، مثل شعيرة وشعير، ولولا ذلك لم يجز دخول الألف واللام عليهما؛ لأنهما معرفتان قال: وهما مؤنثان (وباقي