للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي المسألة أكثر من ذلك أسلفته فيما مضى في الكتاب المذكور واضحًا.

حجة الجمهور أنه معلوم أن قوله: "إذا دبغ الإهاب" هو ما لم يكن طاهرًا من الأهب كجلود الميتات، وما لم تعمل فيه الذكاة من الدواب والسباع؛ لأن الطاهر لا يحتاج إلى الدباغ (للتطهير) (١) ومحال أن يقال في الجلد الطاهر: إذا دبغ فقد طهر، (فقوله) (٢): "فقد طهر" نص ودليل، فالنص طهارة الإهاب بالدباغ، والدليل منه أن كل إهاب لم يدبغ فليس بطاهر وإذا لم يكن طاهرًا فهو نجس محرم، وإذا كان ذلك كذلك كان هذا الحديث مبينًا لحديث ابن عباس، وبطل بنصه قول من قال: إن جلد

الميتة لا ينتفع به بعد الدباغ، وبطل بالدليل منه قول من قال: إن جلد الميتة إن لم يدبغ ينتفع به.

قال أبو عبد الله المروزي: وما علمت أحدًا قال به قبل الزهري (٣).

وقال الطحاوي: لم نجد عن أحد من الفقهاء جواز بيع جلد الميتة قبل الدباغ إلا عن الليث، رواه عنه ابن وهب (٤).

قال ابن القصار: وإنما اعتمد الزهري في ذلك على رواية في حديث ابن عباس "ما على أهلها لو أخذوا إهابها فانتفعوا به". ولم يذكر (فدبغوه)، فدل على أنه يجوز الانتفاع به قبل الدباغ فيقال: قد روى عنه ابن عيينة والأوزاعي وغيرهما الحديث وقالوا فيه: "فدبغوه وانتفعوا به" فإذا كان الزهري الراوي للحديثين أخذنا بالزائد منهما (٥)، ومن


(١) من (غ).
(٢) في الأصول: بقوله. والمثبت الأنسب للسياق.
(٣) انظر: "التمهيد" ٤/ ١٥٤.
(٤) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ١/ ١٦٠ - ١٦١ بنحوه.
(٥) "عيون الأدلة" ٢/ ٩٠٥ - ٩٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>