للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بأن معناها: تحريم نصب القتال عليهم، وقتالهم بما يعم، كالمنجنيق وغيره إِذَا لم يكن إصلاح الحال بدون ذَلِكَ، بخلاف ما إِذَا تحصن الكفار ببلد آخر، فإنه يجوز قتالهم عَلَى كل وجه، وبكل شيء (١).

ونازع الشيخ تقي الدين القشيري (٢) في ذَلِكَ وقال: إنه خلاف الظاهر القوي الذي دل عليه عموم النكرة في سياق النفي، والمأذون له فيه هو مطلق القتال ولم يكن بما يعم (٣). وهو كما قَالَ، فالحديث نص في الخصوصية، وقد اعتذر فيه عما أبيح لَهُ من ذَلِكَ وهو ما فهمه راوي الحديث، وما أبعد من ادعى نسخ الحديث بقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] ذكرتها لأنبه عَلَى وهنها.


(١) "صحيح مسلم بشرح النووي" ٩/ ١٢٥.
(٢) "إحكام الأحكام" ص ٤٥٨ - ٤٥٩ حيث قال:
هذا التأويل على خلاف الظاهر القوي، الذي دل عليه عموم النكرة في سياق النفي، في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا" وأيضَا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين خصوصيته؛ لإحلالها له ساعة من نهار وقال: "فإن أحد ترخص بقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم" فأبان بهذا اللفظ: أن المأذون للرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه لم يؤذن فيه لغيره.
والذي أذن للرسول فيه: إنما هو مطلق القتال، ولم يكن قتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل مكة بمنجنيق وغيره مما يعم، كما حمل عليه الحديث في هذا التأويل.
وأيضًا فالحديث وسياقه يدل على أن هذا التحريم لإظهار حرمة البقعة بتحريم مطلق القتال فيها وسفك الدم. وذلك لا يختص بما يستأصل.
وأيضا فتخصيص الحديث بما يستأصل ليس لنا دليل على تعيين هذا الوجه بعينه؛ لأن يحمل عليه الحديث. فلو أن قائلًا أبدى معنى آخر، وخص به الحديث لم يكن بأولى من هذا.
(٣) انظر: "إحكام الأحكام" ص ٤٥٨.