للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصفرين، قال: وقد تأول بعض الناس في قوله: "ولا صفر" على هذا، ثم يحتاجون أيضًا إلى تأخير صفر إلى الشهر الذي بعده لحاجتهم إلى تأخير المحرم فيؤخرون تحريمه إلى ربيع ثم يمكثون بذلك ما شاء الله، ثم يحتاجون إلى مثله ثم كذلك، فكذلك تتدافع شهرًا بعد شهر حتى استدار التحريم على السنة كلها فقام الإسلام، وقد رجع المحرم إلى موضعه الذي وضعه الله تعالى به، وذلك بعد دهر طويل.

وزعم بعض الناس أنهم كانوا يستعجلون المحرم عامًا فإذا كان قابل ردوه إلى تحريمه والتفسير الأول أحب إليَّ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ" وليس في التفسير الأخير استدارة، وعلى هذا الذي فسرناه يكون قوله تعالى: {يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} [التوبة: ٣٧] مصدقًا له لأنهم إذا حرموا في العام المحرم وفي قابل صفر، ثم احتاجوا بعد ذلك إلى تحليل صفر أيضًا أحلوه وحرموا الذي بعده، فهذا تأويل قوله تعالى: {يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا}.

قال أبو عبيد: وفي هذا تفسير آخر يقال إنه في الحج حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله تعالى: {وَلَا جِدَالَ} [البقرة: ١٩٧] قال: قد استقر الحج في ذي الحجة لا جدال فيه وفي غير حديث سفيان يروى عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: كانت العرب في الجاهلية يحجون عامين في ذي القعدة وعامين في ذي الحجة فلما كانت السنة التي حج فيها أبو بكر - رضي الله عنه - قبل حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - كان الحج في السنة الثانية (من) (١) ذي القعدة، فلما كانت السنة التي حج فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - في العام المقبل عاد الحج


(١) كذا بالأصل وفي "غريب الحديث" (في).

<<  <  ج: ص:  >  >>