للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما من طريق النظر فإنا رأينا الإمام لو لم ينحر أصلاً لم يكن ذلك بمسقط عن الناس النحر ولا مانع لهم منه ولو أن إمامًا تشاغل يوم النحر بقتال عدوٍ أو غيره فلم ينحر أن لغيره (١) ممن أراد التضحية أن يضحي، فإن قال: ليس له أن يضحي خرج من قول جميع الأمة وإن قال: لهم أن يضحوا بعد زوال الشمس لذهاب وقت الصلاة، فدل أن ما حل به النحر ما كان وقت صلاة العيد إنما هو الصلاة لا نحر الإمام، ألا ترى أن الإمام لو نحر قبل أن يصلي لم يجزه ذلك، وكذلك سائر الناس فكان حكم الإمام والناس في الذبح قبل الصلاة سواء في أن لا يجزئهم فالنظر على ذلك أن يكون الإمام وسائر الناس أيضًا سواء في الذبح بعد الصلاة أنه يجزئهم كلهم (٢).

قال المهلب: إنما كره الذبح قبل الإمام -والله أعلم- لئلا يشتغل الناس عن الصلاة ويحرمها المساكين مع المشتغلين بالذبح، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بإخراج العواتق وغيرهن لشهود بركة دعوة المسلمين.

واختلفوا في ذبح أهل البادية، فقال مالك: تحرى أقرب أئمة القرى إليهم فإن أخطأوا ونحروا قبله أجزأهم. وقال عطاء: يذبح أهل القرى بعد طلوع الشمس. وقال الشافعي: وقتها كما في حق أهل الحاضرة مقدار ركعتين وخطبتين كما سلف، وأما صلاة من بعده فليس فيها وقت، وبه قال أحمد وقال أبو حنيفة وأصحابه: من ذبح من أهل السواد بعد طلوع الفجر أجزأه؛ لأنه ليس عليهم صلاة العيد، وهو قول الثوري وإسحاق (٣).


(١) في الأصل: لغيرهم.
(٢) "شرح معاني الآثار" ٤/ ١٧٢ - ١٧٤.
(٣) انظر: "الاستذكار" ١٥/ ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>