للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ: ولذلك ترى كتبهم مشحونة بأحاديث موضوعة (تشهد) (١) متونها بأنها موضوعة؛ لأنها تشبه فتاوى الفقهاء، ولا تليق بجزالة كلام سيد المرسلين، مع أنهم لا يقيمون لها سندًا صحيحًا، فهؤلاء شملهم النهي والوعيد (٢).

سادسها: ذهب قوم إلى أن هذا الحديث ورد في رجل بعينه، كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته وادعى لقوم أنه رسوله إليهم، فحكم في دمائهم وأموالهم، فأمر - صلى الله عليه وسلم - بقتله إن وجد حيًّا وبإحراقه إن وجد ميتًا.

والصواب عمومه في كل خبر تعمد به الكذب عليه في الدين والدنيا، ولا يخص بالدين، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ كذبًا عليَّ ليس ككذبٍ عَلَى أحدِكم" (٣). ومما يؤيد عمومه استدلال عمر والزبير بهذا الوعيد لتوقفهم عن (التحديث) (٤)، ولو كان في رجل بعينه أو مقصورًا عَلَى سبب لما حذروا، وذكر ابن الجوزي سبب وروده من طرق في مقدمة كتابه "الموضوعات" (٥).

سابعها: فيما يظن دخوله في النهي: اللحن وشبهه، ولهذا قَالَ العلماء: ينبغي للراوي أن يعرف من النحو واللغة والأسماء ما يسلم به من قول ما لم يقل.

قَالَ الأصمعي: أخوف ما أخاف عَلَى طالب العلم إِذَا لم يعرف

النحو أن يدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من كذب علي .. " الحديث؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم -


(١) في الأصول: تشبه، والمثبت من "المفهم".
(٢) "المفهم" ١/ ١١٥.
(٣) سيأتي برقم (١٢٩١) كتاب: الجنائز، باب: ما يكره من النياحة على الميت.
(٤) في (ج): الحديث.
(٥) "الموضوعات" ١/ ٥٠ - ٥٣.