للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"إِذَا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر" (١). وفي تركه - صلى الله عليه وسلم - الإنكار عَلَى عمر دلالة عَلَى استصوابه.

فإن قُلت: كيف ساغ لعمر الاعتراض؟ قُلْتُ: أجاب عنه الخطابي حيث قَالَ: لا يجوز أن يحمل قوله أنه توهم (الغلط) (٢) عليه أو ظن به غير ذَلِكَ مما لا يليق به بحال، لكنه لما رأى ما غلب عليه من الوجع وقرب الوفاة خاف أن يكون ذَلِكَ القول مما يقوله المريض مما لا عزيمة لَهُ فيه، فيجد المنافقون بذلك سبيلًا إلى الكلام في الدين.

وقد كانت الصحابة يراجعونه - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها، كما راجعوه يوم الحديبية في الحلاق وفي الصلح بينه وبين قريش، فإذا أمر بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد.

قَالَ: وأكثر العلماء، عَلَى أنه يجوز عليه الخطأ فيما لم ينزل عليه فيه وحي، وأجمعوا كلهم عَلَى أنه لا يقر عليه.

قَالَ: ومعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - وإن كان قد رفع درجته فوق الخلق كلهم فلم ينزهه من العوارض البشرية، فقد سها في الصلاة، فلا ينكر أن يظن به حدوث بعض هذِه الأمور في مرضه، فيتوقف في مثل هذِه الحال حتَّى يتبين حقيقته، فلهذه المعاني وشبهها توقف عمر - رضي الله عنه - (٣).

وأجاب المازري بنحوه حيث قَالَ: لا خلاف أن الأوامر قد يقترن بها قرائن تصرفها من الندب إلى الوجوب، وعكسه عند من قَالَ: إنها للوجوب


(١) سيأتي برقم (٧٣٥٢) كتاب: الاعتصام، باب: أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ.
(٢) في (ج): اللغط.
(٣) "أعلام الحديث" ١/ ٢٢٣ - ٢٢٥. بتصرف.