للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: أما عائشة، فإن في الرواية عنها اختلافًا، وذلك أن عمران بن موسى قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثتني أم الحسن، عن معاذة أنها سألت عائشة عن المرأة تقشر وجهها؟ فقالت: إن كنت تشتهين أن تتزيني فلا يحل، وإن كانت امرأة بوجهها كلف شديد فما، كأنها كرهته، ولم تصرح بهذِه الرواية بالنهي عن قشر المرأة وجهها للزينة، وذلك (نظير) (١) إحفائها جبينها للزينة، وإذا اختلفت الرواية عنها كان الأولى أن يضاف إليها أشبهها بالحق.

وأما أسماء فإنها كانت امرأة أدركت الجاهلية، وكانت نساء الجاهلية يفعَلْنَ ذلك ويتزينَّ به، ولعل ذلك منها كان في الجاهلية ولم يخبر قيس عنها أنها وشمت يدها في الإسلام، وقد يجوز أن تكون وشمتها في الجاهلية، أو في الإسلام قبل أن ينهى عنه، فمن زعم أن ذلك كان في الإسلام بعد النهي فعليه البيان ولا سبيل إليه (٢).

قال ابن بطال: أما ما ذكرته من أن المرأة منهية عن حلق رأسها في الإحرام وغيره لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقوله - عليه السلام -: "إن الحلق مُثْلة"، فإن حديث ابن عباس ليس معناه التحريم، بدليل أن المرأة لو حلقت رأسها في الحج مكان التقصير اللازم لها لم تأت في ذلك حرامًا.

ودل قوله: "إن الحلق مثلة" أن معنى النهي عن ذلك هو خيفة أن تمثل المرأة بنفسها فينتقص جمالها فيكره ذلك بعلها، والمثلة ليست بحرام، وإنما هي مكروهة، وقد قال مالك: حلق الشارب مثلة، وثبت حلقه عن بَشَرٍ كَثِير من السلف، واحتجوا بأمره بإحفاء الشوارب.


(١) من (ص ٢).
(٢) انظر: "شرح ابن بطال" ٩/ ١٦٧ - ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>