للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

قوله: ("إِلَّا المُجَاهِرِينَ") ذكره ابن التين بلفظ: "المجاهرون" ثم قال: كذا وقع، وصوابه عند البصريين: "الْمُجَاهِرِينَ" وأجاز الكوفيون الرفع في الاستثناء المنقطع في قوله: {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} [الكهف: ٥٠] ولم يجزه البصريون.

فصل:

الكنف -بالنون- الستر. ومعنى الدنو من الرب: القرب منه. قال ابن فورك: معناه: يقرب من رحمته وكرمه ولطفه؛ لاستحالة حمله على قرب المسافة والنهاية، إذ لا يجوز ذَلِكَ على الله؛ لأنه لا يحويه مكان، ولا يحيط به موضع، ولا تقع عليه الحدود. والعرب تقول: فلان قريب من فلان. يريدون به قرب المنزلة، وعلو الدرجة عنده (١).

وقوله: ("فيضع كنفه عليه") يبين ما أشرنا إليه في معنى الدنو، وذلك أن لفظ الكنف إنما يستعمل في مثل هذا المعنى، ألا ترى أنه يقال: أنا في كنف فلان. إذا أراد أن يعرف إسباغ فضله عليه وتوقيره عنده، فعبر - عليه السلام - بالكنف عن ترك إظهار جرمه للملائكة وغيرهم بإدامة الستر الذي مَنَّ به على العبد في الدنيا، وجعله سببًا لمغفرته له في الآخرة، ودليلًا للمذنب على عفوه، ودليلًا له على نعمة الخلاص من فضيحة الدنيا


(١) "مشكل الحديث وبيانه" ص ١٦٤. والصواب في ذلك إثبات صفات الله -عَزَّ وَجَلَّ- كما جاءت في كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بلا تأويل ولا تشبيه، يقول أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني: ومن مذهب أهل السنة والجماعة: أن كل ما سمعه المرء من الآثار مما لم يبلغه عقله … فعليه التسليم والتصديق والرضا، لا يتصرف في شيءٍ منها برأيه وهواه، من فسَّر من ذلك شيئًا برأيه وهواه فقد أخطأ وضلَّ. "الحجة في بيان المحجة" ٢/ ٤٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>