للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نافق) فعزره الشارع لما نسبه إلى النفاق، وهو أسوأ الكفر، ولم يكفر عمر بذلك من أجل ما جناه حاطب. وكذلك عذر - عليه السلام - معاذًا حين قال للذي خفف الصلاة وقطعها خلفه: (إنه منافق)؛ لأنه كان متأولاً، فلم يكفر معاذًا بذلك. ومثله قوله حين سمع عمر يحلف بأبيه: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم" فلم ير إكفار عمر حين حلف بأبيه، وترك الحلف بخالقه وقصد اليمين بغير الله؛ تشريكًا لله في حقه، لا سيما على طراوة عبادة غير الله، فلما لم يعرفه الشارع بأن يمينه (بغير الله) (١) ليس بكفر من أجل تأويله: إن له أن يحلف بأبيه؛ (للحق) (٢) الذي له بالأبوة، عذر عمر في ذَلِكَ لجهالته أن الله لا يريد أن يشرك معه غيره في الأيمان، إذ لا يحلف الحالف إلا بأعظم ما عنده من الحقوق، ولا أعظم من حق الله تعالى على عباده. وهذا وجه حديث عمر في هذا الباب.

قال ابن بطال: وكذلك عذر - عليه السلام - من حلف من أصحابه باللات والعزى لقرب عهدهم بجري ذَلِكَ على ألسنتهم في الجاهلية. وروى سعد بن أبي وقاص أنه حلف بذلك، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن العهد كان قريبًا فحلفت باللات والعزى فقال - عليه السلام -: "قل لا إله إلا الله". وسيأتي هذا في باب: لا يحلف باللات والعزى، في الأيمان (٣)، وليس في قوله: "من حلف باللات .. "، إلى آخره؛ إطلاق منه لهم على الحلف بذلك وكفارته بذلك، فإنه (علمهم - عليه السلام - أنه) (٤) من نسي أو جهل فحلف بذلك أن كفارته أن يشهد بشهادة


(١) في (ص ٢): (بأبيه).
(٢) سقط من الأصل، والمثبت من (ص ٢).
(٣) سيأتي برقم (٦٦٥٠).
(٤) في الأصل: (- عليه السلام - أمر).

<<  <  ج: ص:  >  >>