للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل الصلاة على هيئتها من التمام هو الواجب، فكما لم يغير حال الخوف من جواز قصر الصلاة من فرض تأديتها على هيئتها في غير الخوف، كذلك لا تغير الضرورة إلى الغنى في حال الجهاد أنَّ الفقر أفضل من الغنى.

ألا ترى أنه - عليه السلام - كان يجعل ما أفاء الله عليه بعد نفقته في الكراع والسلاح وما يحتاج الجهاد إليه؛ فإن قيل: إنما نقاتل العدو بالغنى، وهو المال. قيل: ليس كذلك؛ لأن الله تعالى قال: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} إلى قوله: {مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: ٤٥ - ٤٦] فقد نفى أن يكون المال من صفة القتال، وقال تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} [البقرة: ٢٤٧]، وقال هرقل لأبي سفيان إذا سأله عن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكر أن ضعفاءهم اتبعوه، فقال: هم أتباع الرسل (١). فقد أعلمك أن الضعفاء أتباع الرسل، وهم الذين قاتلوا الكفار.

وقال أبو أمامة الباهلي: لقد فتح الفتوح أقوام ما كانت حلية سيوفهم الذهب والفضة إلا العلابي والآنك والحديد (٢).

فصل:

المختار عندنا: أن الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر؛ لأن الغنى هي الحالة التي توفي عليها الشارع، وهي أكمل الحالات.

وقد سئل سيدي أبو علي الدقاق: أيهما أفضل الغنى أو الفقر؟ فقال: الغنى؛ لأنه وصف الحق، والفقر وصف الخلق، ووصف


(١) سلف برقم (٧) كتاب: بدء الوحي، ورواه مسلم (١٧٧٣) كتاب: الجهاد والسير، باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام.
(٢) رواه ابن أبي شيبة ٤/ ٢٢٥ (١٩٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>