أن يجب المال لهم بالموت، ولا أجازوا إسقاط الشفيع حقه من الشفعة، ولا عرض شريكه أحد الشقصين قبل وجوب أخذه له بالبيع، وكلهم لا يجيز الاستثناء قبل اليمين، ولا قضاء دين قبل أخذه، ولا صلاة قبل وقتها. قال: وأصحابنا قالوا: لا تجب الكفارة إلا بالحنث، وهي فرض بعد الحنث بالنص والإجماع، فتقديمها قبل أن يحنث تطوع لا فرض، ومن المحال إجزاؤه عن الفرض.
ثم إنا نوافقهم على أنه لا يجزئ شيء من الشريعة قبل وقته، إلا في موضعين:
كفارة اليمين، فجائز تقديمها قبل الحنث، لكن بعد إرادة الحنث، ولا بد، وإسقاط الشفيع حقه بعد العرض عليه أن يأخذ أو يترك قبل البيع، فإسقاطه حقه حينئذٍ لازم له فقط، وإنما فعلنا ذلك للنصوص المخرجة لهذين الحكمين عن حكم سائر الشريعة في أنه لا يجزئ ولا يجوز أداء شيء منها قبل الوقت الذي حده الله. وقد احتج بعض من وافقنا في تصحيح قولنا هنا، بأن قال: قال الله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ}[المائدة: ٨٩]، والكفارة واجبة بنفس اليمين، ولا حجة في هذا؛ لأنه قد جاء النص والإجماع المتفق على أن من لم يحنث فلا كفارة عليه، فصح أنه ليس بنفس اليمين تجب الكفارة.
واحتج بعضهم: بأن في الآية حذفًا بلا خلاف، تقديره: إن أردتم الحنث، أو حنثتم، وهذِه دعوى منهم في ذلك. وحديث مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا:"من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأتها وليكفر عن يمينه"(١).
(١) مسلم (١٦٥٠/ ١١) كتاب: الأيمان، باب: ندب من حلف يمينًا ..