للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينتفع بها أحد بعد ذلك، فأفقد منافعها لما أجيبت دعوته، فكذلك يخشى أن تجاب دعوة اللاعن فيهلك الملعون.

(والتأويل الثاني) (١) أن الله تعالى حرم لعن المؤمن، كما حرم قتله، فهما سواء في التحريم، وهذا يقتضي تحذير لعن المؤمن والزجر عنه؛ لأن الله تعالى قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، فأكد حرمة الإسلام وشبهها بحرمة النسب.

وكذلك معنى قوله: "من رمى مؤمنًا بكفر فهو كقتله" يعني في تحريم ذلك عليه.

فإن قيل: هذا التأويل يعارض ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لعن جماعة من المؤمنين، فلعن المخنثين من الرجال، ولعن شارب الخمر، ولعن غيره، ولعن المصورين، ولعن من غير تخوم الأرض، ولعن من انتمى إلى غير مواليه، ومن انتسب إلى غير أبيه، ولعن من سب والديه، وجماعة سواهم.

قيل: لا تعارض في شيء من ذلك، والمؤمنون الذين حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعنهم، هم غير من لعنهم، فنهى عن لعن من لم يظهر الكبائر، ولا استباح ركوب ما نهى الله عنه، وأمر بموالاتهم، ومؤاخاتهم في الله، والتودد إليهم.

ولعن - عليه السلام - من خالف أمره، واستباح نهيه، وأمر بإظهار التكبر عليهم، وترك موالاتهم، والانبساط إليهم، والرضى عن أفعالهم. فالحديثان مختلفان، فلا تعارض (٢).


(١) في (ص ٢): فيه تأويل.
(٢) انظر: "شرح ابن بطال" ٦/ ١٠٤ - ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>