للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجمع عليه وما سواه مختلف فيه، فلا يصح إثباته إلا بلغة أو عادة، وقد قال تعالى: {وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} [المؤمنون: ٢٠].

قال ابن القصار: فيقال لهم: لا خلاف بين أهل اللغة أن من أكل خبزًا بلحم مشوي أنه قد ائتدم به، ولو قال: أكلت خبزي بلا أدم لكان كاذبًا، ولو قال: أكلت خبزي بإدام كان صادقًا، فيقال لهم: أما قولكم: إن الإدام اسم للجمع بين الشيئين، فكذلك نقول، وليس الجمع بين شيئين هو امتزاجهما واختلاطهما، بل هو صفة زائدة على الجمع؛ لأننا نعلم أن الخبز بالعسل ليس يستهلك أحدهما صاحبه، ولا الخبز مع الزيت أيضًا، فلم نراع في الشريعة في الجمع الاستهلاك، وأما الخل والزيت فهو وإن تشربه فليس بمستهلك فيه، إذ لو كان كذلك لم يبق لونه ولا طعمه، وإنما المراعى في الجمع بين الشيئين هو أن يؤكل هذا بهذا على طريق الائتدام به، سواء كان مائعًا أو غيره كالعسل والسمن الذائب.

قال غيره: والدليل على أن كل ما يؤتدم به يسمى إدامًا، الحديث السالف: "تكون الأرض خبزة يوم القيامة إدامها زيادة كبد نونٍ وثورٍ" (١) فجعل الكبد إدامًا، فكذلك التمر وكل شيء مائع فهو إدام كالكبد.

وروى حفص بن غياث عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن يزيد الأعور، عن ابن أبي أمية، عن يوسف، عن عبد الله بن سلام قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ كسرة من خبز شعير فوضع عليها تمرًا، وقال: "هذِه إدام هذه" (٢) فأكلها.


(١) سلف برقم (٦٥١٩) كتاب الرقاق، باب: يقبض الله الأرض يوم القيامة، ورواه مسلم (٢٧٩٢) كتاب الجنة والنار، باب: نزل أهل الجنة.
(٢) "سنن أبي داود" (٣٨٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>