للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحجة الموجب أن سبب نزولها مارية كما سلف، فكفر وأصاب جاريته، وهو قول قتادة وغيره، وقال القاضي إسماعيل: الحكم في ذلك واحد؛ لأن الأمة لا يكون فيها طلاق فتطلق بالتحريم، فكان تحريمها كتحريم ما يؤكل ويشرب، ولعل القصة قد كانتا جميعًا في وقتين مختلفين، غير أن أمر الجارية في هذا الموضع أشبه لقوله تعالى: {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: ١] ولقوله تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: ٣] فكان ذلك في الأمة أشبه؛ لأن الرجل يغشى أمته في ستر ولا يشرب العسل في ستر، وتحريم الأمة فيه مرضاة لهن، وتحريم الشراب إنما حرمه للرائحة وقد يمكن أن يكون حرمها وحلف كما روي، ويمكن أن يكون حرمها بيمينه بالله؛ لأن الرجل إذا قال لأمته: والله لا أقربك فقد حرمها على نفسه باليمين، فإذا غشيها وجبت عليه اليمين، وإذا قال لأمته: أنت عليَّ حرام فلم يحلف، وإنما أوجب على نفسه شيئًا لا يجب، فلم تحرم عليه، ولم تكن كفارة؛ لأنه لم يحلف، وقوله لامرأته: أنت عليَّ حرام مثل قوله: أنت طالق، فلا تحرم (عليه) (١)، وكذلك: أنت خلية وبرية وبائن، ليس في شيء منه يمين، وإنما هو فراق أوجبه الإنسان على نفسه، فإن كان شيئًا يجب وجب، وإن كان لا يجب لم يجب، وقد قال - عليه السلام -: "من نذر أن يعصي الله فلا يعصه" (٢) فلم يوجب كفارة كما أوجبها في قوله: "من حلف على يمين" الحديث (٣).


(١) الأصل: (به)، والمثبت من (ص ٢) وهو الصواب.
(٢) سيأتي قريبًا برقم (٦٦٩٦) باب: النذر في الطاعة.
(٣) رواه مسلم برقم (١٦٥٠) كتاب الأيمان، باب: ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها أن يأتي الذي هو خير، ويكفِّر عن يمينه. من حديث أبي هريرة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>