أجل التخيير في كفارة الأذى كما هي في باب كفارة اليمين بالله، ومن الحجة لأهل هذِه المقالة أن أوسط ما يطعم أهلينا ما غلب في العرف، وهو ما يغدي ويعشي ويشبع، وليس في العرف أن يأكل الواحد صاعًا من شعير أو تمر، الذي هو عندهم ثمانية أرطال، ولا نصف صاع من بر، وهو أربعة أرطال، والحكم معلق على الغالب لا على النادر، ويجوز أن يغدي المساكين ويعشيهم عند مالك والكوفيين، وقال الشافعي: لا يعطيهم المد إلا دفعة واحدة.
قال ابن القصار: والجميع عندنا يجوز لقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} ولم يخص، فإن أطعم بالغداة والعشي فقد أطعم، وعلى أصل مالك: يجوز أن يغديهم ويعشيهم دون إدام، لأن الأصل عنده مد دون إدام، وذهب مالك في الأكل إلى الزيت.
قال إسماعيل: وأحسبه ذهب إليه، لأنه الوسط من أدم أهل المدينة. وقال غيره: من ذهب إلى مد بمده - عليه السلام - تأول قوله تعالى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}[المائدة: ٨٩] أنه أراد الوسط من الشبع، ومن ذهب إلى مدٍّ من بُرٍّ أو صاع من شعير ذهب إلى الشبع، وتأول في {أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ} الخبز واللبن، والخبر والسمن، والخبر والزيت.
قالوا: والأعلى الخبز واللحم، والأدون دون إدام، ولا يجوز عندهم الأدون لقوله {مِنْ أَوْسَطِ}.
فصل:
واختلف فيما يجزئ من الكسوة في الكفارة، فقال مالك: ما يستر عورة المصلي، فالرجل يستره القميص، والمرأة قميص ومقنعة، لأنها كلها عورة ولا يجوز أن يظهر في الصلاة إلا وجهها وكفاها.