للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما قبله، فجعل الفساد عدلاً للقتل، وإذا كان الشيء بمنزلة الشيء فهو مثله، فكأن الفساد في الأرض بمنزلة القتل، هذا قول إسماعيل وعبد العزيز بن أبي سلمة، قال إسماعيل: والذي يعرف من الناس من الكلام في كل ما أمر به فقيل افعلوا كذا وكذا، فإن صاحبه مخير.

وقال عطاء ومجاهد والضحاك: كل شيء في القرآن (أو) (أو) فهو خيار (١)، واحتج من أسقط التخيير بقوله - عليه السلام -: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" (٢) الحديث.

فجاوبهم أهل المقالة الأولى بأن ظاهره يدل أن المحارب غير داخل فيه؛ لأن قاتل النفس في غير المحاربة إنما أمره القتل أو الترك إلى ولي المقتول، وأمر المحارب إلى السلطان؛ لأن فساده في الأرض لا يلتفت فيه إلى عفو المقتول، فعلمنا بهذا أن المحارب لا يدخل في هذا الحديث، وإنما يدخل فيه القاتل الذي أمره إلى ولي المقتول إذا قتل فيه، أو قتل نفسًا بغير نفس، فكأنه على مجرى القصاص، ولو كان على العموم لوجب أن يقتل كل قاتل قتل مسلمًا عمدًا.

وقد رأينا مسلمًا قتل مسلمًا عمدًا لم يجب عليه القتل في قول جماعة المسلمين، وذلك أنهم أجمعوا في قتلى الجمل وصفين أنهم لا تقاص بينهم إذ كان القاتل المسلم إنما قتل بتأويل لم يقتله لثائرة بينه وبينه، ولا قصد له في نفسه، وإنما قصد في قتله للديانة عنده فسقط القتل عنه لذلك، وكذلك أمر المحارب إنما كان قصده قتل المسلم لقطع


(١) رواه الطبري في "تفسيره" ٥/ ٥٤.
(٢) سيأتي برقم (٦٨٧٨) كتاب: الديات، باب: قول الله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ}.
ورواه مسلم (١٦٧٦) كتاب: القسامة والمحاربين، باب: ما يباح به دم المسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>