للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "ثقاته" (١) ولما ذكر ابن عبد البر هذا الأثر سماه: قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه (٢). وهو عجيب، فقابوس حديثه في "صحيح البخاري"، وأثنى عليه غير واحد، ثم قال ابن حزم: والرواية عن ابن عباس: لا حد على ذمي. هم بأنفسهم خالفوا ذلك فأوجبوا عليه الحد في السرقة والقذف، فإن تعلقوا بقوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ} [المائدة: ٤٢] فلا تعلق لهم فيها؛ لأنها منسوخة ولو صح أنها محكمة لما كان لهم فيها تعلق؛ لأنه إنما فيها التخيير بينهم لا في الحكم عليهم جملة، وإقامة الحدود عليهم ليس حكمًا بينهم، وأما عهود من عاهدهم على الحكم بأحكامهم فليس ذلك عهد الله، بل هو عهد باطل، ولا يعرف المسلمون عهدًا إلا ما أمر الله به ورسوله، فإن قالوا فقد قال تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] قلنا: نعم لا نكرههم على الإسلام ولا على فروض الإسلام (٣).

وقال ابن عبد البر: إذا ارتفع أهل الكتاب إلينا راضين بحكمنا فيهم، وكانت شريعتنا موافقة في ذلك الحكم لشريعتهم جاز لنا أن نستظهر عليهم بكتابهم حجة عليهم، كما في هذا (الحديث) (٤)، فإن لم تكن الشريعة في ذلك الحكم موافقة لشريعتهم حكمنا بينهم بما أنزل الله في كتابنا، ويحتمل أن يكون ذلك خصوصًا للشارع؛ للإجماع على أن ذلك لم يعمل به أحد بعده، ولقول الله تعالى {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا


(١) "الثقات" ٥/ ٣٢٧.
(٢) "التمهيد" ١٤/ ٣٩٠.
(٣) "المحلى" ١١/ ١٥٩ - ١٦٠ بتصرف.
(٤) في (ص ١): (الكتاب).

<<  <  ج: ص:  >  >>