للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت:٥١]، قال: واختلف العلماء في الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا، أواجب ذلك علينا أم نحن مخيرون به؟ فقال جماعة من فقهاء الحجاز والعراق: إن الإمام أو الحاكم مخير إن شاء حكم بينهم إذا ترافعوا إليه بحكم الإسلام، وإن شاء أعرض عنهم.

وقالوا: إن قوله: {فَإِن جَاءُوكَ} [المائدة: ٤٢] محكمة لم ينسخها شيء، وممن قال ذلك مالك بن أنس والشافعي في أحد قوليه، وهو قول عطاء والشعبي والنخعي، وروي ذلك عن ابن عباس في قوله {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ} [المائدة: ٤٢] قال: نزلت في بني قريظة وهي محكمة (١)، وقال عامر (الشعبي) (٢): إن شاء حكم وإن شاء لم يحكم، وعن ابن عباس أنهما إذا رضيا فلا يحكم بينهما إلا برضاء من أساقفتهما، فإن كره ذلك أساقفتهم فلا يحكم بينهم، وكذلك إن رضي الأساقفة ولم يرض الخصمان أو أحدهما لم يحكم بينهم.

وقال الزهري: مضت السنة أن يُرد أهل الذمة في حقوقهم ومعاملاتهم ومواريثهم إلى أهل دينهم إلا أن يأتونا راغبين في حكمنا فيحكم بينهم بكتاب الله (٣).

وقال آخرون: واجب على الحاكم أن يحكم بينهم إذا تحاكموا إليه بحكم الله تعالى، وزعموا أن قوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ} [المائدة: ٤٩] ناسخ للحكم بينهم في الآية الأولى، روي ذلك عن ابن عباس من حديث سفيان بن حسين والحكم، عن مجاهد، ومنهم


(١) رواه أبو داود (٣٥٩١).
(٢) في (ص ١): (والنخعي).
(٣) رواه عبد الرزاق ١٠/ ٣٢٢ (١٩٢٣٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>