للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

قد أسلفنا عن جماعة أن حديث عبادة محكم، وأن أكثر أهل العلم خالفوه ورأوا نسخه، وجماعة من (صغار) (١) الصحابة رووا حديث ماعز، وحديث عبادة كان في أول الأمر وبين الروايتين مدة.

قال الشافعي: دلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن جلد البكرين الحرين ثابت ومنسوخ عن الثيبين؛ لأن قوله: "خذوا عني" من أول ما نزل، فنسخ به الأذى والحبس عن الزانيين، فلما رجم ماعزًا ولم يجلده وأمر أنيسًا بامرأة الأسلمي إن اعترفت رجمها، دل على نسخ الجلد عنهما؛ لأن كل شيء بدأ بعد أول فهو آخر (٢).

وقال أيضًا: لم يكن بين الأحرار في الزنا فرق إلا بالإحصان بالنكاح، وخلاف الإحصان به، وإذا كان قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام" (٣).

ففي هذا دلالة على أنه أول ما نسخ الحبس عن الزانيين، وهذا بعد الحبس، وأن كلَّ حد حده الزانيان فلا يكون إلا بعد هذا إذا كان هذا أول حد الزانيين.

ونقل ابن عبد البر عن أبي بكر وعمر أنهما رجما ولم يجلدا (٤)، لكن روى ابن أبي شيبة عن حفص بن غياث، ثنا أشعث، عن ابن سيرين قال: كان عمر يرجم ويجلد، وكان علي يرجم ويجلد (٥).


(١) من (ص ١).
(٢) "معرفة السنن والآثار" للبيهقي ١٢/ ٢٧٤.
(٣) سبق تخريجه من حديث عبادة بن الصامت.
(٤) "التمهيد" ٩/ ٨٠.
(٥) "مصنف ابن أبي شيبة" ٥/ ٥٣٦ (٢٨٧٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>