للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال قائل منهم: منا أمير ومنكم أمير. وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "الخلافة في قريش" (١)، فإما بايعناهم على ما لا يجوز لنا، وإما قاتلناهم على ذلك، فهي الفلتة.

ألا ترى قول عمر- رضي الله عنه -: (والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من بيعة أبي بكر، ولأن أقدم فتضرب عنقي أحب إليَّ من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر)، فهذا يبين أن قول عمر: (كانت فلتة). لم يرد مبايعة أبي بكر، وإنما أراد ما وصفه من خلافة الأنصار عليهم وما كان من أمر سعد بن عبادة وقومه.

وقول عمر - رضي الله عنه -: (قتل الله سعدًا) ولو علموا (٢) في أبي بكر شبهة وأن بين الخاصة والعامة فيه اختلافًا لما استجازوا الحكم عليهم بعقد البيعة، ولو استجازوه ما أجازه الآخرون إلا لمعرفة منهم به متقدمة، ويدل على ذلك ما رواه النسائي من حديث سالم بن عبيد -وذكر موته - عليه السلام - قال: خرج أبو بكر فاجتمع المهاجرون يتشاورون بينهم، ثم قال: انطلقوا إلى إخواننا الأنصار، فقالت: منا أمير ومنكم أمير. فقال عمر- رضي الله عنه -: سيفان في غمد إذًا لا يصطلحان. ثم أخذ بيد أبي بكر فقال: من له هذِه الثلاث: {إِذ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ} من صاحبه؟ {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: ٤٠] من هما؟ ثم بايعه الناس أحسن بيعة وأكملها (٣).

فدل هذا الحديث أن القوم لم يبايعوه إلا بعد التشاور والتناظر واتفاق


(١) رواه أحمد ٤/ ١٨٥ من حديث عتبة بن عبد، وله شاهد من حديث أبي هريرة سلف برقم (٣٤٩٥)، ورواه مسلم (١٨١٨).
(٢) كذا بالأصل، وهذا القول قول أبي عبيد كما أفاده ابن بطال ٨/ ٤٦١ حيث قال: قال أبو عبيد: ولو علموا أن في أمر أبي بكر …
(٣) "السنن الكبرى" ٥/ ٣٧ (٨١٠٩)، والثالثة: {إِنَّ اللهَ مَعَنَا} مع مَن؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>