واختلف إذا طلب ولي القوم الدية وأبى القاتل، ففي "المدونة": لا يجبر القاتل، وليس لولي المقتول إلا القصاص (١)، وروى أشهب عن مالك: يلزم القاتل الدية شاء أو أبَى.
فصل:
قوله بعد ذلك {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[البقرة: ١٧٨] قال ابن عباس وغيره: يقتل ولا تؤخذ منه الدية.
فصل:
احتج لأبي حنيفة فيما سبق بقوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ] الآية [النساء: ٩٢]، ثم قال: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} الآية [النساء: ٩٢]، فلما كانت الكفارة واجبة في قتل الكافر الذمي وجب أن تكون الدية كذلك، قال تعالى:{وتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: ٩٢] كما قال في المؤمن فأراد الكافر؛ لأنه لو أراد المؤمن لقال:(وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق) وهو مؤمن، كما قال:{فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ}[النساء: ٩٢] فأوجب فيه تحرير رقبة دون الدية؛ لأنه مؤمن من قوم حربيين، عدو للمسلمين.
قال ابن عبد البر: وتأول مالك هذِه الآية في المؤمنين؛ لأنه قال في "الموطأ": {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} ثم قال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ثم قال: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم} يعني: المؤمن المقتول خطأ، ورد قوله هذا بعض من ذهب مذهب الكوفيين، فقال: الحجة عليه أن الله تعالى قال في هذِه الآية: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ}