للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحجة الآخرين: حديث أنس: أن ابنة النضر -وهي الرُّبَيِّعُ- كسرت ثنية جارية؛ فقال - عليه السلام -: "يا أنس، كتاب الله القصاص" (١) فلما حكم بالقصاص ولم يخيرها (يينه و) (٢) بين أخذ الدية، ثبت بذلك أن الذي يجب بالكتاب والسنة في العمد هو القصاص، إذ لو كان يجب للمجتنى عليه التخيير بينه وبين العفو لأعلمها بما لها أن تختار من ذلك، فلما حكم بالقصاص وأخبر أنه كتاب الله ثبت بما قلناه، ووجب أن يعطف عليه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ويجعل قوله: "فهو يالخيار بين أن يعفو أو يقتص أو يأخذ الدية" (٣) على الرضا من الجاني بغرم الدية حتى تتفق معاني الاختيار، ألا ترى أن حاكمًا لو تقدم رجل إليه في شيء يجب له فيه أحد شيئين فثبت عنده حقه أنه لا يحكم بأحد الشيئين دون الآخر، والشارع أحكم الحكماء، وكذا حديث ابن عباس مرفوعًا: "العمد قود" أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد جيد (٤).

وأما قولهم: إن عليه فرضًا إحياء نفسه، فإنا رأيناهم قد أجمعوا أن الولي لو قال للقاتل: قد رضيت أن آخذ دارك هذِه على ألا أقتلك، أن الواجب على القاتل فيما بينه وبين الله تعالى تسليم ذلك وحقن دم نفسه، فإن أبى لم يجبره عليها ولم تؤخذ منه كرهًا فيدفع إلى الولي، فكذلك الدية لا يجبر ولا تؤخذ منه كرهًا.

قال المهلب: وفي قوله: ("فهو بخير النظرين" حض وندب لأولياء القتيل أن ينظروا خير نظر، فإن كان القصاص خيرًا من أخذ الدية اقتصوا


(١) سلف برقم (٢٧٠٣)، ويأتي قريبًا مختصرًا برقم (٦٨٩٤).
(٢) من: (ص ١).
(٣) رواه أبوداود (٤٤٩٦)، وأحمد ٤/ ٣١.
(٤) أبو داود (٤٥٩١)، النسائي ٨/ ٤٠، ابن ماجه (٢٦٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>