للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فينكر ذلك عليهم، وإنما طلبوا الدم فبدأهم وقال لهم: "أتحلفون؟ " فعلم أنه شرع لهم اليمين وعلق استحقاقه الدم بها، وإنما كان يكون منكرًا عليهم لو بدءوا وقالوا: نحن نحلف (١).

فصل:

وأما الذين أبطلوا الحكم بالقسامة، فإنهم ردوها بآرائهم لخلافها عندهم حديث: "البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه" (٢) وهو خص القسامة بتقدمة المدعي بالأيمان وسنه لأمته.

وقد كانت في الجاهلية خمسين يمينًا على الدماء فأقرها الشارع فصارت سنة، بخلاف الأموال التي سنَّ فيها يمينًا واحدة، والأصول لا يرد بعضها بعضًا ولا يقاس بعضها علي بعض؛ بل يوضع كل واحد منها موضعه كالعرايا والمزابنة والمساقاة والقرائن مع الإجارات، وعلى المسلمين التسليم في كل ما سنَّ لهم.

فإن قلت: كيف يحكم للأولياء وهم غيب عن موضع القتل؟ قيل: اليمين يكون تارة علي وجه اليقين وتارة على وجه الاستدلال؛ كالشهادة تكون باليقين وتكون بالاستدلال على النسب والوفاة، وأن هذِه زوجة فلان وهذا باستدلال، كما يدعي الوارث لأبيه دينًا على رجل من حساب أبيه، فيحلف كما يحلف على يقين، وذلك على ما ثبت عنده بإخبار من يصدقه، ليس لأحد من العلماء يجيز لأحد أن يحلف علي ما لم يعلم، ولكنه يحلف علي ما لم يحضر إذا صح عنده وعلمه ما يقع العلم بمثله.


(١) انظر: "شرح ابن بطال" ٥٣٣ - ٥٣٤.
(٢) سلف برقم (٢٥١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>