للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل لابن المسيب: أعجب من القسامة أن يأتي الرجل يسأل عن القاتل والمقتول لا يعرف واحدًا منهما ويقسم، قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها في قتيل خيبر، ولو علم أن الناس يجترئون عليها ما قضى بها (١).

وقال أبو الحسن القابسي: العجب من عمر بن عبد العزيز على مكانته في العلم كيف لم يعارض أبا قلابة في موضعه وليس أبو قلابة من فقهاء التابعين؟

قال المهلب: وما اعترض به أبو قلابة من حديث العرنيين، لا اعتراض فيه على القسامة بوجه من الوجوه؛ لجواز قيام البينة والدلائل التي لا رفع لها على تحقيق الجناية على العرنيين، وليس هذا من طريق القسامة في شيء؛ لأنها إنما تكون في الدعاوى والاختفاء بالقتل حيث لا بينة ولا دليل، وأمرُ العرنيين كان بين ظهراني الناس، ويمكن فيه الشهادة؛ لأنهم كشفوا وجوههم لقطع السبيل والخروج عن المسلمين بالقتل واستياق الإبل، فقامت عليهم الشواهد البينة، فأمرهم غير أمر من ادعي عليه بالقتل، ولا شاهد يقوم عليه. وما ذكر من الذين انهدم عليهم الغار لا يعارض به ما تقدم من السنة في القسامة، وليس رأي أبى قلابة حجة على جماعة التابعين، ولا ترد بمثله السنن، وكذلك هو عبد الملك من الديوان لأسماء الذين أقسموا لا حجة فيه على إبطالها (٢)، وقد يكون عبد الملك إنما قدم على ما صنع كأن لم يكن في تلك القصة ما يوجب القسامة من اللوث.


(١) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ١٠/ ٣٨ (١٨٢٧٧).
(٢) انظر: "شرح ابن بطال" ٨/ ٥٣٦ - ٥٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>