للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشافعي: يستتاب كالمرتد، وهو قول أبي عبيد الله بن الحسن، وذكر ابن المنذر عن علي مثله (١).

وقيل لمالك: لِمَ تقتله ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقتل المنافقين وقد عرفهم؟ فقال: لأن توبته لا تعرف، وأيضاً فإن الشارع لو قتلهم وهم يظهرون الإيمان لكان قتلهم بعلمه، ولو كان قتلهم بعلم لكان ذريعة إلى أن يقول الناس: قتلهم للضغائن والعداوة، ولامتنع من الإسلام والدخول فيه إذا رأى الشارع يقتل من دخل في الاسلام؛ لأن الناس كانوا عهد بالكفر، هذا معنى قوله (٢).

وقد روي عنه - عليه السلام - أنه قال: "لئلا يقول الناس إنه يقتل أصحابه" (٣)، وحكى بعض المتأخرين على مذهب مالك: إن أتى تائبًا قبل أن يظهر عليه قبلت توبته، وإن ظهر عليه فاعترف ولم يرجع قبل ولم يورث، وإن اعترف ومات وكذب البينة وتمادى على الجحود قتل ولم تقبل توبته، ولم ينظر إلى جحود الآخر.

واحتج الشافعي (٤) بقوله -عَزَّ وَجَلَّ- في المنافقين {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المجاددة: ١٦] وهذا يدل على أن إظهار الأيمان (جنة من القتل. قال: وقد جعل الشارع الشهادة بالأيمان) (٥) تعصم الدم والمال، فدل أن من أهل القبلة من شهد بها غير مخلص وإنما تحقن دمه وماله وحسابه على الله تعالى.


(١) "الإقناع" ٢/ ٥٨٥ - ٥٨٦.
(٢) "التمهيد" ١٠/ ١٥٤.
(٣) سلف برقم (٣٥١٨) كتاب: المناقب، باب: ما ينهى من دعوى الجاهلية.
(٤) "الأم" ٦/ ١٥٨.
(٥) من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>