للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تقبل توبته، قال هؤلاء: وأما المعلن فتقبل توبته. وقالت طائفة أخرى: لا فرق بين المسر والمعلن في شيء من ذلك، فطائفة قبلت توبتهما معًا أقر المسر أو لم يقر، وطائفة لم تقبل توبة مسر ولا معلن.

قال: واختلفوا في الذمي أو الحربي يخرجان من كفر إلى كفر، فقالت طائفة: يتركان على ذلك ولا يمنعان منه، وهو قول أبي حنيفة ومالك (١). وقالت أخرى: لا يتركان على ذلك أصلاً ثم افترق هؤلاء على فرقتين؛ فقالت فرقة: إن رجع الذمي إلى دينه الذي خرج منه ترك، وإلا قتل، (ولا يترك على الدين الذي خرج إليه) (٢)، ولا يمكن من (الخروج) (٣) إلى الدين الذي خرج منه.

قال الشافعي وأصحابنا: لا يقر على ذلك. ثم اختلف قول الشافعي، فمرة قال: إن رجع إلى الكفر الذي كان عليه ترك، وإلا قتل إلا أن يسلم. ومرة قال: لا يقبل منه الرجوع إلى الدين الذي خرج منه لا بد له من الإسلام أو السيف، وهو ظاهر حديث الباب "من بدل دينه فاقتلوه".

قال ابن حزم وبه يقول أصحابنا: احتج لأبي حنيفة ومن تبعه بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣]، وقال أيضًا: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)} [الكافرون: ١] قالوا: فقد جعل الله الكفر كله دينًا واحدًا، وقال تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] فمتى أجبر على الرجوع إلى بلاد الإسلام فقد أكره، وإن أجبر على الرجوع إلى دينه ودين الكفر فقد أجبر على اعتقاد الكفر، قالوا: واعتقاد جواز


(١) "مختصر اختلاف العلماء" ٣/ ٥٠٨.
(٢) في الأصل عبارة غير واضحة، والمثبت من (ص ١).
(٣) في (ص ١): الرجوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>