للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوليد بن يزيد كان نذر دمه إن قدر عليه، فمن كان هكذا فهو معذور، وكذلك من سكن بأرض الهند والسند والصين والترك والسودان والروم من المسلمين، فإن كان لا يقدر على الخروج من هنالك لثقل ظهر وقلة مال، أو لضعف جسم، أو لامتناع طريق فهو معذور، فإن كان هناك مجاورًا للكفار لخدمة أو كتابة فهو كافر، وإن كانت إقامته هناك لدنيا وهو يقدر على اللحاق بالمسلمين فما يبعد عن الكفر، وليس كذلك من سكن في طاعة أهل الكفر من العالية وممن جرى مجراهم؛ لأن أرض مصر والقيروان وغيرهما فالإسلام عندهم ظاهر، وهم على ذلك (لا يجاهرون) (١) بالبراءة من الإسلام، بل وإلى الإسلام ينتمون، وإن كانوا في حقيقة أمرهم كفار.

وأما من سكن في أرض القرامطة مختارًا فهو كافر بلا شك؛ لأنهم معلنون بالكفر وترك الإسلام، وأما من سكن في بلد تظهر فيه بعض الأهواء المخرجة إلى الكفر فليس بكافر؛ لأن اسم الإسلام هو الظاهر هناك من توحيد وإقرار بالرسالة وإقامة شرائع الإسلام، يؤيد هذا أنه - عليه السلام - استعمل عماله على خيبر وهم كلهم يهود، وإذا كان أهل الذمة في مدائنهم لا يمازجهم غيرهم، فلا يسمى الساكن فيهم لإمارة عليهم أو لتجارة بينهم كافرًا، ولا مسيئًا بل هو محسن مسلم، ودارهم دار إسلام لا دار شرك؛ لأن الدار إنما تنسب إلى الغالب عليها والحاكم عليها والمالك لها، ولو أن كافرًا (مجاهرًا) (٢) غلب على دار من حد الإسلام وأقر المسلمين بها على حالهم إلا أنه (هو) (٣) المالك المنفرد


(١) في الأصول: مجاهرون، والمثبت من "المحلى" ١١/ ٢٠٠، وهو الأليق بالسياق.
(٢) كذا بالأصول، وفي "المحلى": مجاهدًا.
(٣) من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>