للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن القاسم، وقال غيره: يزكي، فإن وهبها لغير من هي عليه، فقال ابن القاسم: لا يزكيها كالواهب. وقال محمد: يزكي منها زكاته ووهب ما بعد الزكاة. وقال أشهب: لا زكاة على واحد منهما (١).

فصل:

وأما مسألة الشفعة فالذي احتال أبو حنيفة فيها له وجه من الفقه، وذلك أن من يريد شراء الدار خاف شفعة الجار، فسأل أبا حنيفة: هل من حيلة في إسقاطها؟

فقال: لو باع صاحب الدار منك جزءًا من مائة مشاعًا، ثم اشتريت منه بعد حين باقي الدار سقطت شفعة الجار. يريد أن الشريك في المشاع أحق بالشفعة من الجار (٢)، وهذا إجماع من العلماء فلما اشترى أولاً الجزء اليسير صار شريكًا لصاحب الدار، إذ لم يرض الجار أن يشفع في ذلك الجزء اللطيف لقلة انتفاعه به، فلما عقد الصفقة في باقيها كان الجار لا شفعة له عليه؛ لأنه لو ملك ذلك الجزء اللطيف غيره لمنع الجار به من الشفعة، (فكذلك يمنعه هو إذا اشترى باقيها من الشفعة) (٣)، وهذا ليس فيه شيء من خلاف السنة، وإنما أراد البخاري أن يلزم أبا حنيفة التناقض؛ لأنه يوجب الشفعة للجار، ويأخذ في ذلك بحديث: "الجار أحق بصقبه". فمن اعتقد مثل هذا وثبت ذلك عنده من قضائه - عليه السلام -، وتحيل بمثل هذِه الحيلة في إبطال شفعة الجار فقد أبطل السنة التي يعتقدها.


(١) انظر: "المنتقي" ٢/ ١١٨.
(٢) "الهداية" ٤/ ٣٦٦.
(٣) من (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>