للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

مذهب أهل السنة في حقيقة الرؤيا كما نقله المازري أن الله تعالى يخلق في قلب النائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليقظان، وهو جل وعلا يفعل ما يشاء لا يمنعه نوم ولا يقظة، فإذا خلق هذِه الاعتقادات فكأنه خلقها علمًا على أمور أخر يلحقها في ثاني الحال إذا كان قد خلقها، فإذا خلق في قلب النائم الطيران وليس بطائر، فأكثر ما فيه أنه اعتقد أمورًا على خلاف ما هو عليه، فيكون ذلك الاعتقاد علمًا على غيره كما (جعل) (١) الله الغيم علمًا على المطر والجميع خلق الله، ولكن يخلق الرؤيا والاعتقادات التي خلقها علمًا على ما يسر بغير حضرة الشيطان، وخلق ما هو علم على ما يحضره الشيطان، فنسب إلى الشيطان مجازًا لحضوره عندها وإن كان لا يدخل له حقيقة. وهذا معنى قوله: "الرؤيا من الله والحلم من الشيطان" لا على أن الشيطان يفعل.

فالرؤيا: اسم لمحبوب، والحلم: اسم لمكروه (٢).

وقال بعضهم: إضافة الرؤيا إلى الله إضافة تشريف بخلاف المكروهة، وإن كانا جميعا من خلق الله، والشيطان بحضرة المكروهة ويرتضيه و (يسر به) (٣). يؤيده ما حكى القيرواني في كتابه "نور البستان": أن أبا جعفر محمد بن علي الكسائي روى في كتابه في الرؤيا عن إسماعيل بن أبي فديك، عن يعيش بن طخفة الغفاري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله


(١) في (ص ١): خلق.
(٢) "المعلم" ٢/ ٢٩١.
(٣) في (ص ١): يستر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>