للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

وفيه أيضًا دليل أنه إذا التقى المسلمان بسيفيهما، واختلفت طائفتان على التأويل في الدين ولم يتبين البغي من أحدهما أنه يجب (القعود) (١) عنهما وملازمة البيوت، ولهذا تخلف محمد بن مسلمة وسعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وعبد الله بن عمر وحذيفة وجماعة عن تلك المشاهد؛ لأنه لم يتبين لهم ما قام فيه المقتتلون وأخذوا بقوله: "تكون فتن القاعد فيها خير من القائم" فأما إذا ظهر البغي في إحداهما لم يحل لمسلم أن يتخلف عن قتال الباغية، لقوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ} لو أمسك المسلمون عن ذلك لبطلت فريضة من فرائض الله، وهذا يدل أن قوله: "فالقاتل والمقتول في النار" ليس في أحد من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم إنما قاتلوا على التأويل، وكلاهما عندنا محمودة مجتهدة برة تقية، وقد قعد عنها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يروا في ذلك بيانًا، وهم كانوا أولى بمعرفة الحق، فكيف يحكم لأحد الفريقين على الآخر، ألا ترى أنه - عليه السلام - شهد لعلي وطلحة والزبير بالشهادة، فكيف يكون شهيدًا من يحل دمه، وكيف يحكم لأحد الفريقين على الآخر وكلاهما شهداء؟! روى خالد بن خداش عن الدراوردي، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير على حراء، فقال -علية السلام-: "اسكن حراء فإنه ليس عليك إلا نبي وصديق وشهيد" (٢)، وكل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجب على المسلم توقيرهم


(١) في الأصل: العقوبة، والمثبت من (ص ١)، وهو الصحيح.
(٢) رواه مسلم (٢٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>