للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

وقوله: ("أنا عند ظن عبدي بي") يقول: إن كان فيه شيء من الرجاء حققت رجاءه؛ لأنه لا يرجو إلا مؤمن بأن له ربًّا يجازي، وقوله: ("في ملأ خير منهم") يعني: الملائكة المقربين.

وفيه: دليل على فضل الملائكة، ويحتمل أن يكون على عمومه وتكون الملائكة خير الخلق، ولا أقول به، ويحتمل أن يكون يخبر الشارع بذلك أمته، فيريد أن الملائكة خير ممن بعد الأنبياء.

وقد اختلف في الأنبياء والملائكة: أيهم أفضل؟

قال ابن فورك: ومن ذهب إلى تفضيل الأنبياء والأولياء من الآدميين (على الملائكة) (١) قال: معنى قوله: "خير منه" يرجع إلى الذكر كأنه قال: بذكر خير من ذكره، لأجل أن ذكر العبد لله دعاء وتضرع، وذكر الله له إظهار لرحمته وكرامته وذلك خير للعبد وأنفع، وهذا يرد عليه هذا الخبر؛ لأن فيه ملأ خير منهم.

وقيل: العلماء أفضل من الملائكة.

وقال ابن بطال: هذا الحديث نص من الشارع على أن الملائكة أفضل من بني آدم ثم قال: وهو مذهب جمهور أهل العلم، وعلى ذلك شواهد من كتاب الله تعالى منها قوله تعالى: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: ٢٠] ولا شك أن الخلود أفضل من الفناء، وأن الملائكة أفضل من بني آدم، وإلا فلا يصح معنى الكلام (٢).


(١) من (ص ١).
(٢) "شرح ابن بطال" ١٠/ ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>