واستثناء الشارع في دخول الدجال والطاعون المدينة فهو من باب التأدب لا على الشك الذي لا يجوز على الله تعالى، ووجهه: التحريض على سكناها لأمته ليحترسوا بها من الفتنة في الدين؛ لأن المدينة أصل بيته فلم يسلط الله على سكانها المقيمين بها فتنة الدجال والطاعون؛ لاعتصام سكناها بها من الفتنة الكبري وهو الكفر المستأصل عقوبته، فكذلك لا يستأصلهم بالموت بالطاعون الذي كان من عقوبات بني إسرائيل.
فصل:
وقوله في الصديق: أنه نزع من البئر ما شاء الله أن ينزع. فهذا استثناء صحيح، وأن حركات العباد لا تكون إلا عن مشيئة الله تعالى وإرادته.
وكذلك قوله:"ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء" أي أن الإنسان لا يتكلم إلا بمشيئة الله المحرك للسانه والمقلب لقلبه.
وكذلك قوله:"إنا قافلون غدًا إن شاء الله" فاستثناء فيما يستقبل من الأفعال كما أمره الله برد الحول والقوة إليه في قوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ}[الكهف: ٢٣]. (١)
فصل:
وقوله في حديث علي - رضي الله عنه -: "ألا تصلون؟ " حرصًا منه على أن يفعل الخير، وكره من على اعتذاره دون احتجاجه بما ذكر؛ لأن الأصل أن
(١) من أول شرح المصنف -رحمه الله- إلى هذا الموضع انتهى بحروفه من "شرح ابن بطال" ١٠/ ٤٧٧ - ٤٨٦.