وأبعد من قال: إنما يشهد له المؤمنون من الجن والإنس دون الكافر، حكاه القاضي عياض، قال: ولا يُقْبَلٌ من قائله لما جاء في الآثار من خلافه، قال:
وقيل: إن هذا فيمن يصح منه الشهادة ممن يسمع.
وقيل: بل هو عام في الحيوان والجماد كما في الحديث الذي ذكرناه، وأن الله يخلق لها ولما لا يعقل من الحيوان إدراكًا للأذان وعقلًا ومعرفةً.
وقيل: إدباره لعظم شأن الأذان بما يشتمل عليه من قواعد التوحيد وإظهار الشرائع والإعلام.
وقيل: ليأسه من وسوسة الإنسان عند الإعلان بالتوحيد (١).
فإن قلت: كيف يهرب من الأذان ويدنو. في الصلاة وفيها القرآن والمناجاة؟
قلتُ: أجاب ابن الجوزي عنه بأن إبعاده عن الأذان لغيظه من ظهور الدين وغلبة الحق، وعلى الأذان هيبة يشتد انزعاجه لها ولا يكاد يقع في الأذان رياء ولا غفلة عند النطق به؛ لأنه لا يحضر النفس.
فأما الصلاة فإن النفس تحضر فيها فيفتح لها الشيطان أبواب الوسوسة.
ثانيها: المراد بالتثويب هنا: الإقامة. ويخطر: -بكسر الطاء وضمها، والأكثر على الضم، والوجه: الكسر -أي: يوسوس، والضم من الشكوك والمرور أي: يدنو منه بينه وبين قلبه فيشغله عما هو فيه، وبهذا فسره الشراح، وبالأول فسره الخليل.