للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التوقان إليه، فإن لم يكن كذلك ترك العشاء، وإتيان الصلاة أحب إلي (١)، وذكر ابن حبيب مثل معناه (٢). وقال ابن المنذر عن مالك: يبدأ بالصلاة إلا أن يكون طعامًا خفيفًا (٣). وفي الدارقطني: قال حميد: كنا عند أنس فأذن بالمغرب، فقال أنس: أبدءوا بالعشاء وكان عشاؤه خفيفًا.

وقال أهل الظاهر: لا يجوز لأحد حضر طعامه بين يديه وسمع الإقامة أن يبدأ بالصلاة قبل العشاء، فإن فعل فصلاته باطلة (٤).

والجمهور على الصحة وعلى عدم وجوب الإعادة، وحجتهم أن المعنى بالبداءة بالصلاة ما يخشى من شغل القلب بذلك فيفارقه الخشوع، وربما نقص من حدود الصلاة أو سها فيها، وقد بين هذا المعنى أبو الدرداء فيما سلف من قوله: من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ، ولو كان إقباله على طعامه فرضًا لم يقل فيه: من فقه المرء أن يبدأ به، بل كان يقول: من الواجب عليه اللازم له أن يبدأ به، فبين العلة في قوله: ابدءوا بالعشاء أنه لما يخاف من شغل البال، وقد رأينا شغل البال في الصلاة لا يفسدها، ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام صلى في جبة لها علم فقال: "خذوها وائتوني بأنبجانية" (٥)، فأخبر أنه اشتغل بالعلم ولم تبطل صلاته.


(١) "الأم" ١/ ١٣٨، "الأوسط" ٤/ ١٤١.
(٢) "النوادر والزيادات" ١/ ٢٤١.
(٣) انظر: "الأوسط" ٤/ ١٤١.
(٤) "المحلى" ٤/ ٢٠٢.
(٥) سبق برقم (٣٧٣) كتاب: الصلاة، باب: إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها.