للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال عمر بن الخطاب: إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة (١). وقال - عليه السلام -: "لا يزال الشيطان يأخذ أحدكم فيقول له: اذكر كذا، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى" (٢)، ولم يأمرنا بإعادتها لذلك، وإنما يستحب أن يكون المصلي فارغ البال من خواطر الدنيا ليتفرغ لمناجاة ربه -عز وجل- وقد اشترط بعض الأنبياء على من يغزو معه أن لا يتبعه من ملك بضع امرأة ولم يبن بها، ولا من بنى دارًا ولم يكملها (٣)؛ ليتفرغ قلبه من شواغل الدنيا، فهذا في الغزو فكيف في الصلاة التي هي أفضل الأعمال، والمصلي واقف بين يدي الله -عز وجل-، ثم هذِه الكراهة -أعني: كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله- عند الجمهور إذا كان في الوقت سعة، فإن ضاق بحيث لو أكل خرج وقت الصلاة، صلى على حاله؛ محافظة على حرمة الوقت، ولا يجوز تأخيرها.

وقال بعض أصحابنا: لا يصلي بحال، بل يأكل وإن خرج الوقت؛ لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا يفوته، والصواب الأول، وقد ظن قوم أن هذا من باب تقديم حق العبد على حق الحق -عز وجل-، وليس كذلك، وإنما هو صيانة لحق الحق، ليدخل العباد في العبادة بقلوب غير مشغولة بذكر الطعام، وإنما كان عشاء القوم يسيرًا لا يقطع عن لحاق الجماعة، ومما يؤيد ما قلنا أن الأحاديث محمولة على من تاقت نفسه إلى الطعام، وإن كان الحديث الصحيح: "لا صلاة


(١) رواه ابن أبي شيبة ٢/ ١٨٨ (٧٩٥١) كتاب: الصلوات، باب: في حديث النفس في الصلاة.
(٢) سبق برقم (٦٠٨) كتاب: الأذان، باب: فضل التأذين.
(٣) سيأتي برقم (٣١٢٤) كتاب: فرض الخمس، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "أحلت لكم الغنائم".