للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بائن من خلقه. رواه الدارمي في "الرد على الجهمية" ص ٤٧.
واعلم أن الذين ذهبوا إلى أن السماء قبلة الدعاء؛ قد توهموا أنه على القول بأن الله إذا كان فوق سماواته لكان في جهة، وإذا كان في جهة كان محدودًا وجسمًا، وهذا مردود لوجوه:
١ - أنه لا يجوز إبطال دلالة النصوص بمثل هذِه التعليلات، ولو جاز هذا لأمكن كل شخص لا يريد ما يقتضيه النصّ أن يعلله بمثل هذِه العلل العليلة.
٢ - أن ربَّ السماوات والأرض يستحيل عقلًا أن يصف نفسه بما يلزمه محذور ويلزمه محال أو يؤدي إلى نقص، كل ذلك مستحيل عقلا، فإن الله لا يصف نفسه إلا بوصف بالغ من الشرف والعلو والكمال ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين على حد قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.
٣ - أنه إن كان ما ذكر لازمًا العلو لزومًا صحيحًا فلنقل به؛ لأن لازم كلام الله ورسوله حق، إذ أن الله تعالى يعلم ما يلزم من كلامه وما لا يلزم، ولو كانت نصوص العلو تستلزم معنى فاسدًا لبينه، كما بين في الحديث القدسي: "يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني .. " الحديث. "آيات الأسماء والصفات" للشنقيطي ص ٣٧، "شرح العقيدة الواسطية" لابن عثيمين ١/ ٣٥٤ - ٣٥٥.
أما قولهم: إن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة فمردود من وجوه: أحدها: أن القول بأن السماء قبلة الدعاء، لم يقله أحد من سلف الأمة، ولا أنزل الله به من سلطان، وهذا من الأمور الشرعية الدينية، فلا يجوز أن يخفي على جميع سلف الأمة وعلمائها.
الثاني: أن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة، فإنه يستحب للداعي أن يستقبل القبلة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستقبل القبلة في دعائه في مواطن كثيرة، فمن قال: إن للدعاء قبلة غير قبلة الصلاة أي إن له قبلتين، إحداهما الكعبة والأخرى السماء فقد ابتدع في الدين وخالف جماعة المسلمين.
الثالث: أن القبلة هي ما يستقبله العابد بوجهه كما يستقبل الكعبة في الصلاة والدعاء والذكر والذبح ولذلك سميت وجهة، والاستقبال خلاف الاستدبار، فالاستقبال بالوجه والاستدبار بالدبر، فأمَّا ما حاذاه الإنسان برأسه أو يديه أو =