للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الرازي في "أحكامه": اتفق فقهاء الأمصار على أنها مخصوصة بموضع، لا يجوز فعلها في غيره؛ لأنهم مجمعون على أنها لا تجوز في البوادي ومناهل الأعراب، ونقل عن أصحابهم أنها مخصوصة بالأمصار ولا تصح في القرى (١).

قلت: ذكر ابن المنذر أن ابن عمر كان يرى أن أهل المناهل والمياه يجمعون، وعن عمر بن عبد العزيز أنه كتب بذلك، فروى جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي: إنا أهل قرية ليسوا بأهل عمود ينتقلون. فأمرَّ عليهم أميرًا يجمع بهم (٢).

قال الرازي: فلو كانت الجمعة واجبة في القرى لورد النقل به كما ورد في الأمصار، لعموم الحاجة، ولبينه - صلى الله عليه وسلم -، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز وللمدينة قرى كثيرة، ولم ينقل عنه أنه أمر أهلها بالجمعة.

واختلف في المصر الذي تجوز فيه الجمعة عندهم، فعن أبي يوسف: كل موضع يكون فيه كل محترف، ويوجد فيه جميع ما يحتاج الناس إليه في معايشهم وفي التبايع عادة، وبه فقيه يفتي وقاض يقيم الحدود. وعنه: إن بلغ سكانه عشرة آلاف، وقيل: عشرة آلاف مقاتل.

وقيل: بحيث لو قصدهم عدو أمكنهم دفعه. وقيل: كل موضع فيه منبر وقاض ينفذ الأحكام، ويقيم الحدود (٣).

قال في "المحيط ": وبه نأخذ، وهو ظاهر الرواية. وقيل: أن لو اجتمعوا إلى أكبر مساجدهم لم يسعهم. وقيل: أن تكون مجال يعيش


(١) "أحكام القرآن" ٥/ ٣٣٧.
(٢) "الأوسط" ٤/ ٢٦ - ٢٧ (١٧٤٧).
(٣) انظر: "بدائع الصنائع" ١/ ٢٥٩ - ٢٦٠، "تبيين الحقائق" ١/ ٢١٧.