للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واختلف قول مالك، وابن القاسم في صلاة المكي بالمحصب، هل يقصر؟ واختلافهما مبني على أن المحصب، هل هو مشروع، فمن قَالَ أنه مشروع قصر (١).

وقال أكثر أهل العلم منهم عطاء، والزهري، وهو قول الثوري، والكوفيين، وأبي حنيفة، وأصحابه، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور: لا يقصر الصلاة أهل مكة بمنى وعرفات؛ لانتفاء مسافة القصر (٢).

قالوا في قول عمر: يا أهل منى أتموا، وكذا قول الشارع أيضًا ما أغنى أن يقول ذلك بمنى.

قَالَ الطحاوي: وليس الحج موجبًا للقصر؛ لأن أهل منى وعرفات إذا كانوا حجاجًا أتموا وليس هو متعلقًا بالموضع، وإنما هو متعلق بالسفر، وأهل مكة مقيمون هناك لا يقصرون، ولما كان المقيم لا يقصر لو خرج إلى منى كذلك الحاج.

واختلف العلماء في المسافة التي يقصر فيها، فقال أبو حنيفة، وأصحابه، والكوفيون، وروي عن ابن مسعود: أقلها ثلاثة أيام ولياليهن سير الإبل ومشي الأقدام، وقدر أبو يوسف بيومين وأكثر الثالث. وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، ورواية ابن سماعة عن محمد، ولم يريدوا به السير ليلًا ونهارًا؛ لأنهم جعلوا النهار للسير والليل للاستراحة. ولو سلك طريقًا هي مسيرة ثلاثة أيام وأمكنه أن يصل في يوم من طريق أخرى قصر، ثم قدروا ذلك بالفراسخ فقيل: أحد وعشرون فرسخًا. وقيل: ثمانية عشر. وعليه الفتوى، وقيل:


(١) "المنتقى" ١/ ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٢) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" ١/ ٣٥٧.