وأجمعت الأمة على أن المرأة يلزمها حجة الإسلام بهذِه الآية وبقوله:"بني الإسلام على خمس"(١) وعدّ منها الحج، فتعارضت مع الأحاديث الواردة في الباب: لا تسافر إلا مع كذا.
واختلف العلماء في تأويل ذلك، فجمع أبو حنيفة ومن قَالَ بقوله بينهما، بأن جعل الحديث مبينًا للاستطاعة في حق المرأة.
ورأي مالك ومن قَالَ بقوله أن الاستطاعة سنة بنفسها في حق الرجال والنساء، وأن الأحاديث المذكورة في هذا لم تتعرض للأسفار الواجبة، وقد خرجت المؤمنات مهاجرات ليس معهن محرم، وفيهن زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد اشترط مالك خروجها للحج في جماعة الناس المرافقين بألفة الدين في سفر الطاعة لله، واستشعارهم الخشية له، ولذلك سن - صلى الله عليه وسلم - بأمير أو سلطان محافظ وإمام معلم يحفظ الضيعة، ويضم الفاذة، ويرد الشاردة، ولا ينفرد أحد عن الجماعة، ولا تتفق الأعين كلها على الغفلة، ولا يجمع على النوم في وقت واحد. فلابد من وجود المراقبة على الجماعة، فضعف الخوف بحضور الكثرة. واتفق العلماء على أنه ليس لها أن تخرج في غير الحج والعمرة، إلا مع ذي محرم، إلا لهجرة من دار الحرب، فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها بغير محرم، والفرق لائح، وهو أنها تخشى على نفسها ودينها من الإقامة، بخلاف تأخير الحج مع أنه هل هو على الفور، أو على التراخي؟ وخص الباجي الحديث بالشابة، ورد عليه بأن المرأة مظنة الطمع، ولكل ساقطة لاقطة.