للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثالث:

قوله: "ثَلَاَثةَ أيَّامٍ"، وفي الرواية الأخرى: ("يوم وليلة" وفي أخرى: "فوق ثلاث"، وفي أخرى: "ثلاث ليال"، وفي أخرى "يومين"، وفي أخرى: "يوم"، وفي أخرى: "ليلة"، وفي أخرى: إطلاق السفر، وفي أخرى لأبي داود: "بريدًا" (١)، والبريد: نصف يوم. وهذِه الألفاظ؛ لاختلاف السائلين والمواطن، وليس في النهي عن الليلة تصريح بإباحة اليوم أو الليلة أو البريد، فأدى كل ما سمع وما جاء منها مختلفًا من راوٍ واحد، فسمعه في مواطن، فروى تارة هذا، وتارة هذا، وكله صحيح، وليس فيه تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر. ولم يرد - صلى الله عليه وسلم - تحديدًا، بل ما يسمى سفرًا، ولا تعارض، ولا نسخ، خلافًا لقول الداودي: أحدهما ناسخ للآخر، ولا يعلمه بعينه فأخذ الأحوط؛ لأن الأصل أن لا تسافر المرأة أصلًا، ولا تخلو مع غير ذي محرم، خوف الخشية على ناقصات العقل والدين.

وحديث أمر فاطمة أن تعتد عند ابن أم مكتوم (٢) مخصوص بمن علم صلاحه، كذا قاله ابن التين. وقيل في الجمع بأن اليوم المذكور مفرد، والليلة المفردة بمعنى: اليوم والليلة المجموعين. فاليوم إشارة إلى مدة الذهاب، واليوم والليلة إشارة إلى مدة الذهاب والرجوع، والثلاثة إشارة إلى مدة الذهاب والرجوع واليوم الذي يقضى فيه الحاجة.

وقيل قد يكون هذا كله تمثيلًا لأقل الأعداد، فاليوم الواحد أول


(١) سلف تخريج هذِه الروايات جميعها آنفًا.
(٢) قصة فاطمة بنت قيس وتطليقها من زوجها وأمره - صلى الله عليه وسلم - إياها بأن تنتقل إلى ابن أم مكتوم رواها مسلم في "صحيحه" (١٤٨٠) كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها.