للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وليس كذلك لأن النهي إنما ورد عن إضافة المرء ذلك إلى نفسه كراهية لتلك الكلمة وتشاؤمًا بها إذا أضافها الإنسان إلى نفسه، فإن الخبث: الفسق، قَالَ تعالى: {الخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} [النور: ٢٦]، والحديث الثاني: "أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ" ذمًّا لفعله وعيبًا له، ولكل واحد من الخبرين وجه فلا معنى للتعارض، فالنهي منصب أن يقول هذا اللفظ عن نفسه، وهذا إخبار عن صفة غيره (١).

العاشر:

ظاهر الحديث أن من لم يجمع بين الأمور الثلاثة، وهي الذكر والوضوء والصلاة فهو داخل فيمن يصبح خبيث النفس كسلان.

قَالَ المهلب: قد فسر الشارع معنى العقد وهو: "عليك ليل طويل فارقد"، فكأنه يقولها إذا أراد النائم الاستيقاظ إلى حزبه، فينعقد في نفسه أنه بقي من الليل بقية طويلة حَتَّى يروم بذلك إتلاف ساعات ليله وتفويت حزبه فإذا ذكر الله انحلت عقدة أي: علم أنه قد مر من الليل طويل، وأنه لم يبق منه طويل، فإذا قام وتوضأ استبان له ذلك أيضًا، وانحل ما كان عقد في نفسه من الغرور والاستدراج، فإذا صلى واستقبل القبلة، انحلت الثالثة؛ لأنه لم يصغ إلى قوله، ويئس الشيطان منه، ولما كان مؤخر الرأس فيه العقل (٢) والفهم، فعقده فيه إثباته في فهمه أنه بقي عليه ليل طويل، فيصبح نشيطًا طيب النفس؛ لأنه مسرور بما قدم مستبشرٌ بما وعده ربه من الثواب والغفران، وإلا أصبح مهمومًا بجواز كيد الشيطان عليه، وكسلان بتثبيط الشيطان له عما كان اعتاده من فعل الخير.


(١) "التمهيد" ١٩/ ٤٧.
(٢) ورد في هامش الأصل: هذا على قول من يقول: إن العقل في الرأس ومذهب الشافعي أنه في القلب وفيه قول ثالث.